سيأتيني أحدهم ليخرج عن الموضوع ويخبرني بأنّ الجملة ” خير يا طير ” من قول الجاهليّة, وأنهم كانوا يتطيّرون, وأنّ الطِيرة حرام.. ثم سنبدأ بالعِراك هنا ونخرج عن صلب الموضوع..
نعم أعلم ذلك جيَّدًا, ولكن نحن الآن في عام 2010 , ولسنا في عصر الجاهلية, والجملة ” خير يا طير ” خرجت عن معناها الأصلي في ذاك الزمن وأصبحت الآن تدل على أمر آخر في زمننا هذا..
وهي قريبة جدًا من المعنى ” ووش فيها ؟؟ ” .. فلسنا بمشركين نحن, ولسنا بجهلة حتى نتطيّر .. ولكنه مصطلح تمّ التعارف عليه لدينا بمعنى آخر, معنًى يخلو من الشركيات..
وسيقول أحدكم , لماذا إذاً لم تستبدلها بـ ” ووش فيها ” , ولماذا اخترت هذه الجملة وانت تعلم ما بها من دلالات, حينها سأقول , إرجع للأسطر الأولى للموضوع وأقرأها جيّدًا..
وإن عاد وقرأها مرة أخرى ولم يقتنع, فحينها سأقول ” وأنت وش يدخّل أبو أبوك في الموضوع أقول خير يا طير والا أقول وش فيها.. مالك دخل ” ؟؟
سأعود للموضوع مرة أخرى.. وهو عن حدث أثلج صدري, وأنا في ترقبّ أحداث أخرى مستقبلية, كم أتمناها ..
البعض سيتهمني مباشرة بأنني ليبرالي إشتراكي رأسمالي علماني ملحد …… إلخ لأنني فقط سعيد جدًا بتواجد المرأة كيد عاملة في السعودية .. نعم, خبر جميل ومفرح وفي انتظار التطورّ بإذن الله..
ولكن قبل أن يتهمني هؤلاء الأشخاص, سأطلب منهم أولاً الهدوء .. du calme أنت واياه ..! فلسنا هنا بصدد الجدل في أمر واقع قد حدث ولا مجال للعودة ..!
وبدلاً من اللعن والشتم ورفض الواقع, فالأفضل هو التعايش معه
نعم, بدأت المرأة السعودية تعمل كاشيرة في بعض المحلات التجارية الكبرى, ونحن جميعًا نترقبّ نجاحها, حتى إذا نجحت ربما سيكون ذلك سبب كبير في تقلّص عدد العمالة التي ليست البلاد بحاجة لها في كثير من المحلات..
المرأة لدينا في السعودية بقيت أعوام عديدة وهي محاطة بعدد كبير من الظروف التي تمنعها من العمل ” خير شرّ ” , ومنها أن المرأة مالها إلا بيتها, والمرأة لا تخرج إلا للضرورة, وأمور أخرى فيها إجحاف للمرأة مثل أنها خُلقت من ضلعٍ أعوج, وأنها إن خرجت من البيت ستنحرف مباشرة, ليس ذلك إجحاف, بل بهتان وزيف وعدم ثقة لا في نسائنا, ولا في تربيتنا ؟!!
ثم بعدها بسنوات أصبح هنالك تواجد لا بأس به للمرأة, ولكن في مجالات حصرية جدًا, كالمدارس, والمستشفيات ” بعد حب خشوم “..!
وشيئًا فشيئًا أصبحت المرأة تعمل في مجالات أوسع, كالبنوك, وبعض الشركات الكبرى التي تحتاج لموظفين من الجنسين, وهكذا ..
ثم بقينا سنوات حتى ظهر الآن لنا عمل جديد من نوعه وهو الكاشيرة, التي يرفضها أغلب المجتمع والسبب يعود إلى حقيقة لا نستطيع إنكارها, وهي رفض مجتمعنا لأي تغيير , سواءًا كان هذا التغيير إيجابيًا أم العكس ..
ليس ذلك فقط, بل رؤية الموضوع من زاوية مُظلمة, كالنظر إلى شواذ الأمور؟! كأن يتم إغتصابها مثلاً من قِبل المُتسوقين ؟!!!
أو أن تُخطئ بالحساب , فيوافق الزبون أن يدعها وشأنها إذا قامت بتقبيله ؟!!
أو أن تتكون علاقة بينها وبين أحد الزبائن, والذي يتعمد شراء بضائعه بالتقسيط اليومي ..!!!
أو أن تتأخر عن العمل فتواجه مديرها الحنِق الذي يقبع هناك في مكتبه, وهو يأمل في كل يوم أن تتأخر إحدى الموضفات حتى يوبخها ثم يهدأ قليلاً في إنتظار أن تبدأ بإستعطافه بأنوثتها ؟!!!
ليس هذا ” من جيبي ” كما يقولون, بل قرأت, وتحدثت مع كثير, وأغلبهم تطرقوا لمثل هذه الرؤى الحمقاء بصراحة ؟!!! التي بصراحة أخجل من ذكرها على لساني, ولكن كما قيل .. ناقل الكفر ليس بكافر ؟!!!! فلست بهذه السذاجة لأنظر لهذا الموضوع من هذا المنظور؟!!
كل هذا يقودنا إلى طلب مهم , وهو أن نهدأ كما قلت سابقًا, وأن نأخذ الموضوع من كافة نواحيه, إيجابياته وسلبياته ..!
ونطرح سؤالاً يحق لنا طرحه, هل المرأة التي أرادت العمل كاشيرة, ” صنّفت في راسها ” أن تخرج من البيت لتضيّع وقتها في العمل كاشيرة , أم أن الحاجة هي من قادتها إلى العمل؟!!
أكاد أجزم , وتجزمون, أن الحاجة هي من قادتها إلى ذلك ..الآن الشعب تقريبًا بعد الازمة الإقتصادية, وبعد غلاء المعيشة الذي نواجهه وجشع التجّار, أصبحت أغلب البيوت فقيرة, في حاجة إلى مصدر دخل إضافي..
فراتب الزوج لم يعد يكفي, وراتب الأب المتقاعد كذلك ؟!! من أين يأتون إذاً بمصدر دخل إن لم يكن هناك قدرة على فتح مشروع.. وليس هناك مجال لرفع الرواتب أو تخفيض الأسعار؟!
الحل هو إيجاد عمل لمن يستطيع العمل .. سواءًا شاب أم فتاة .. وهذا أمر عادي جدًا ..
أعود إلى الحاجة, الفقر, العوز إلى المال.. أمور تدفع بالمرأة أن تعمل مثلها مثل الرجل لتحصل على لقمة عيشها ” من عرق جبينها ” ..
فإن كنّا نرفض عمل المرأة ككاشيرة, أو مُحاسبة, أو نرفض عملها في أي مكان آخر..
فهل نلومها غدًا إن أخذت من مكان أحذيتنا عند صلاة الجمعة مكانًا لها لتشحذ الصغير والكبير..؟؟! فهذا يعطيها وهذا يردها..!
هل سنرضى عليها أن تشحذ, بينما هناك مجال آخر أن تكسب رزقها بعمل شريف يحفظ كرامتها أولاً, ويكون مصدر رزق عليها ثانيًا, من دون سؤال الناس؟!!
إن كنا نرفض عملها, ونرفض ان تشحذ, فمن أين ستكسب قوت يومها ؟ وقوت أولادها .. هل سنرضى ان تكون بغيّة؟! تكسب رزقها من عرق شرفها؟!!! معاذ الله ..!
أعود لموضوع الهدوء وأذكرّ به مرة تلو الاخرى, لأنه لابد لك من الهدوء إن أردت التفكير جيدًا..
وتخيل معي وضع الكاشيرة.. تذهب للعمل – في شفت النهار – , تسجل حضورها, وتزاول عملها بشكل طبيعي, في موضعها المخصص لها..
لن يكون هناك مجال أبدًا لأحد الزبائن بمضايقتها لأسباب عدة, أولاً .. ازدحام المكان بالزبائن, فليس هناك متسع من الوقت لـ ” دقّ الحنك ” مع الكاشيرة ؟!
وجود رجال الأمن ” السيكورتية ” الذين هم بالأصل موجودين من قبل أن تعمل ؟!!
وأخيرًا.. وجود الشهامة لدى الشباب السعودي الذي نثق به في مثل هذه الأمور .. الشباب السعودي – مثلي وشرواي – ( جالس أمسح شواربي ترى ) .
كل هذه الظروف تجعل من عمل المرأة – أختنا وأمنا وابنتنا وزوجتنا – مكانًا آمن يحفظ لها كرامتها , فهي تعمل لدى شعب محافظ, وكريم, وشهم, وغيور, لن نرضى لأحد أيًا كان أن يعاكسها أو يتحرش بها, أو يتطاول عليها أمامنا..
وهذا ما يجعلها تحسّ بالأمان يومًا بعد يوم ..
يبقى أخيرًا أن أطرح أمنياتي التي أتمناها فعلاً, وهو عمل المرأة في المحلات النسائية.. محلات الملابس الداخلية, أو الأقمشة, او العباءات, أو الإكسسوارات..
فقد مللنا , وقُتلنا الآف المرات , ونحن نرى ” البنقالي ” و ” اليمني ” وهو ( يبصبص ) في أجساد محارمنا ليعرف مقاسات ملابسهنّ ..! ولا نستطيع ردعه أو منعه من ذلك ..!
فهذا عمله ؟!!!!!
ولكن كم أتمنى أن يتم توظيف السعوديات في كُل محلات النساء المنتشرة في كل شوارع المملكة.. بدلاً من هذه العمالة النجسة .. حتى ترتاح أفئدتنا حين نترك أهلنا وهم يتسوقون لوحدهم ..!
فليس هناك من سيبحلق عينيه في أجسادهنّ من باب مزاولة العمل ؟!
وليس هناك من سيستفرد بهنّ ليعرض بعض الأمور الجنسية , كما حصل في الدوادمي في بعض المحلات من عرض أحد العمالة لبعض الفتيات فيديوهات جنسية أو أدوات جنسية ..!!!!
هنا تُقتل الأنفس حين نقرأ مثل هذه الأخبار .. ولكن, الحل هو أن تتعامل النساء مع النساء..
وأيضًا, كم أتمنى أن تعمل المرأة السعودية في المطاعم, وأن يكون لها وجود هناك, فنحن نثق كل الثقة بعمل المرأة في الطبخ, وإبداعها به.. فلماذا إذاً نعتمد على عمالة قذرة تطبخ لنا في الحمّامات, أو تضع لنا في أكلنا القاذورات, أو تبيعنا منتجات إنتهت صلاحيتها من سنوات؟!!!
ولكن, حين تعمل المرأة السعودية, وجُل زبائنها من أبناء بلدها.. سنكون أكثر راحة, ونحن نثق بنظافتها, وإخلاصها في عملها ..
—
سيسألني أحد الحمقى ويقول.. هل ترضى ان تعمل أختك كاشيرة, أو في مطعم, أو في محلات نسائية.. ؟
إن كانت هي في حاجة, أو كنا في حاجة .. نعم أرضى .. بل وسأشجعها لذلك ..!